الأربعاء، 8 يناير 2014

يلعب بالطين ويترجم خيالاته لتحف فنية..عبد الفتاح الفخراني رائد صناعة الفخار

  اسلام البكرى
صناعة الفخار حرفة ترتبط بعشق صاحبها لفن النحت وترجمة خيالاته للواقع على هيئة منتجات فخارية تقلصت خلال السنوات الأخيرة لأواني المطبخ جراء تقلص الطلب على منحوتات الفخار ذات الشكل الجمالى.. لكن ماذا عن ذلك الفنان الذي يعمل بكد في هذه المهنة؟

عينان منهمكتان وعقل يتدبر جعل الطين إلى فخار وشقوق على وجه عبد الفتاح حفر بها شقائه لعقدين من الزمان يتأمل حرفة أصيلة ورثها عن أجداده وعراقة تحتم عليه تشكيله الطين بأطرافه المختلفة لمنتجات فخارية تكاد تعاصر منازل كثير منا، ربح قليل يتقبله بحمد الله وشكره تصاحبه ابتسامة ممزوجة بقوله ( يارب يا كريم ).

ينغمس عبد الفتاح أحد صناع الفخار وسط بركة من الطين والطمي ويعمل بيداه وساقيه في آن واحد ويمسك قطعة الطين ليحولها إلى تحفة فنية يحتفظ بها الكثير من الناس في بعض الأحيان .

عبد الفتاح على أحمد الفخراني أحد أحفاد "الفخراني" رائد صناعة الفخار في نجع حمادي والذي أتى بالصناعة من قرية الترامسة التابعة لمركز قنا منذ ما يقرب من حوالي 200 عام، وتوارثتها الأجيال المتعاقبة مستشهداً بـ "على أحمد إبراهيم، عبادي محمد إبراهيم" ووصفهم بشيوخ الحرفة لعملهم لأكثر من نصف قرن.

يعمل عبد الفتاح ثلاثة أيام في الأسبوع من السادسة صباحا وحتى الثامنة مساء وتتكون مادته الخام من الطين والطمي والرماد الذي يأتي به من مصنع شركة السكر، أما المياه فيأتي بها من بئر قديم خاص بصناعة المهنة وبالعائلة .
وبالرغم من أنها مهنة شاقة وتتطلب مهارات حركية وعقلية ولا تدر أموالاً كبيرة إلى أن عبد الفتاح يعتبرها تاريخ ومجد عائلته ويصعب فراقها عليه بجانب أنها مفضلة إلى قلبه .

يلازم عبد الفتاح على جهاز بسيط يسمى ( الدولاب الخشبى ) يستخدم فى صناعة الفخار يوضع عليه قطعة الطين المراد تشكيلها وانتاجها , يتكون هذا الجهاز من قاعدة حجرية وعامود خشبى تتوسطه دائرة من الخشب قطرها حوالي متر مربع تقريبا , وينتهى العامود بدائرة من الخشب ايضا قطرها حوالى 30 سم تقريبا وكل ذلك متصل بذلك بعامود من الخشب يمسك بالعامود الاصلى فى دائرة صغيرة تمكن العامود الاصلى من الدوران اثناء العمل , ويعلوه قطعة من بقايا النخيل محملة على عامودين من الطين يجلس عليها صانع الفخار ليجعل من الطين تحفة فنية .

بعد انتهاء عم عبد الفتاح من صناعة القطعة الطينية تبدأ مرحلة تحويلها الى الفخارية , والتى تبدأ بوضع المنتج النهائى ( الفخار ) فى الشمس لفترة قصيرة , ثم ينقل الى الفاخورة او التنورة ( الفرن ) والتى تتكون من الموقد والسطح والذى توضع عليه المنتجات التى تغطى بالدمس ( الدهس ) وتشعل النيران بها لمدة ثلاث ساعات , وعند خروج النيران من اعلى الفاخورة وظهور النيران الحمراء من جوانبها يكون المنتج جاهز للاستعمال والبيع .

يساعد عم عبد الفتاح بهذه الصناعة 3 افراد من جملة 12 فرد سافر اغلبهم خارج البلاد للعمل هناك وهم ( حسن احمد ابراهيم – احمد عبادى محمد – عبد الغنى تقى محمد ) .

ومن المنتجات التى ينتجها ذلك المصنع الصغير ( الزيار – ماجور اللبن – زهرية الورود – مواسير لسقى الاراضى الزراعية – حصالات كادوس ويستخدم لابراج الحمام – ماجور فحم ( مباخر ) – سحفة فخارية يوضع بها النيران والمياه ) ويكون اجمالى الانتاج اليوم من المنتجات الفخارية لعم عبد الفتاح 15 قطعة يوميا .

انتهت قصة عم عبدالفتاح، لكن قصة الفخار ممتدة في عمق التاريخ بحيث لا تنتهي هنا.. فقد عرف المصريون القدماء صناعة الفخار خلال الحضارات المبكرة في مصر، والمعروفة بأسماء "حضارة البداري، حضارة نقادة الأولى، والثانية، والثالثة، وهي حضارات أمتد تأثيرها في ربوع مصر وخارجها.

وقد ظهرت الآنية الفخارية بأشكال وتصميمات بدائية متنوعة، تدلل على مهارة الفنان القديم في مصر، وسعيه إلى التعبير عن أفكاره ببساطة وبدائية، تمتاز بالصدق والإبداع والتي أمكن له أن يشكلها يدوياً من خلال اعتماده على أدوات بسيطة .

و الفخار المصري المبكر قد تنوع في مظهره الخارجي، لتتخذ الآنية عدة أشكال بسيطة، تعتمد في صياغتها على الناحيتين التطبيقية والجمالية، وذلك وفقاً للحاجة، وقد جاءت الجرار الفخارية على أنماط تقليدية وأخرى غير ذلك، وتتكون الجرار التقليدية من قاعدة دائرية وبدن منتفخ ورقبة تنتهي أيضاً بفتحة دائرية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق